Blog

الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية: كيف يسرع التعلم الآلي بالأبحاث الدوائية

أبريل 17, 2025

يُعد تطوير الأدوية الجديدة عملية معقدة وتتطلب موارد ضخمة، كما أن معدل الفشل فيها مرتفع للغاية، ومن هنا، فإن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي (AI) وتعلم الآلة (ML) تحمل إمكانيات هائلة لإحداث ثورة في مجال صناعة الأدوية، من خلال تعزيز تحليل البيانات والتنبؤات، مما يؤدي إلى علاجات أسرع وأكثر فعالية، في هذا المقال سوف نتناول الدور الذي يقوم به الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية.

تحديات تطوير الأدوية التقليدية

رحلة تطوير الأدوية الجديدة عادةً ما تكون محفوفة بالتحديات، حيث تستغرق ما بين 12 إلى 15 عامًا، بمعدل فشل مرتفع، وتكاليف تتجاوز في بعض الأحيان مليارات الدولارات لاكتشاف نوع دواء واحد، ومن بين الأسباب الرئيسية لهذه الصعوبات:

  • الفهم غير الكامل لتعقيدات الأمراض.
  • النماذج الحالية للأمراض تعاني من ضعف الدقة.
  • صعوبة ترجمة نتائج النماذج إلى علاجات فعالة للمرضى.
  • تراجع موثوقية التجارب الحيوانية، والتي كانت تُعد في السابق مؤشرًا أساسيًا للتنبؤ بتأثير الأدوية على البشر، بالإضافة إلى التحديات الأخلاقية المتزايدة بشأنها.

الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية

دور الذكاء الاصناعي في مواجهة هذه التحديات

ساهمت الإنجازات الحديثة، خصوصًا في مجال تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية، في السابق، كان العلماء يقضون وقتًا طويلًا في مهام يدوية مثل التحليل الدقيق للعينات وجمع البيانات، أما الآن، فالذكاء الاصطناعي يهدف إلى أتمتة هذه العمليات وتسريعها.

وعلى الرغم من أن الأتمتة ليست مفهومًا جديدًا، إلا أن اندماجها مع الذكاء الاصطناعي يُعد قوة مضاعفة، حيث يمكن للشركات تصفية وتحليل كميات ضخمة من البيانات لاستخلاص رؤى دقيقة حول الأدوية، كما أن إدارة البيانات وتحليلها – والتي تُعد من الأعمدة الأساسية في البحث والتطوير الدوائي – أصبحت أكثر كفاءة بفضل الذكاء الاصطناعي، مما يُمكن من تجاوز العديد من العقبات المتكررة.

تحول في مشهد الصناعات الدوائية: دور الذكاء الاصطناعي في الابتكار

تشهد صناعة الأدوية تحولًا جوهريًا يمزج بين تطور الذكاء الاصطناعي (AI) وتعقيدات عملية في اكتشاف الأدوية، وكما هو معروف، فإن تطوير دواء جديد يتطلب استثمارًا ماليًا هائلًا ووقتًا طويلًا قد يمتد لسنوات طويلة، وتكاليف قد تصل إلى مليارات الدولارات، ولكن مع دمج الذكاء الاصطناعي في أبحاث الدواء ساعد في خفض التكاليف الباهظة والجداول الزمنية الطويلة المصاحبة لتطوير الأدوية، وفيما يلي أهم إسهامات الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوية.

1- تسريع اكتشاف الأدوية

دمج الذكاء الاصطناعي في عملية اكتشاف الأدوية يسرع من انتقال الأدوية من مرحلة التصميم إلى التجارب السريرية، أظهرت تحليلات حديثة أن بعض الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي استطاعت إيصال أدوية مرشحة إلى مرحلة التجارب البشرية في أقل من عشر سنوات، بل إن بعضها تم تطويره خلال عامين ونصف فقط، من الأمثلة البارزة هو أحد الادوية الرائدة لعلاج أمراض الرئة والذي وصل سريعا إلى التجارب السريرية بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

2- المركبات الرقمية وتصور الجزيئات

يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي إلى المجال الرقمي، حيث يتم تحليل مكتبات جزيئية وهياكل بروتينية ضخمة عبر تقنيات مثل قواعد بيانات ثلاثية الأبعاد والتكامل واسع النطاق،والتي تساعد على اكتشاف الأدوية في غضون أشهر بدلًا من سنوات، وتشمل الفوائد:

  • تقييم سريع لملايين الجزيئات المحتملة.
  • البحث الذكي عن المركبات الدوائية.
  • تصميم جزيئات جديدة عبر النماذج التوليدية.

الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية

3- التحليل التنبؤي والأنظمة الذكية

لتقليل نسب الفشل في التجارب السريرية، يقدم الذكاء الاصطناعي أدوات قوية منها:

  1. تحليل النصوص الطبية وسجلات المرضى باستخدام معالجة اللغة الطبيعية (NLP).
  2. التنبؤ بتكوينات البروتينات وتحسين الجزيئات الكيميائية.
  3. تحليل البيانات الجينومية والبيانات الحيوية من أجهزة قابلة للارتداء لاستخلاص رؤى دقيقة.
  4. تُستخدم هذه الأدوات أيضًا لفهم تأثير الأدوية بعد طرحها، مما يُحسن استراتيجيات العلاج.

4- تحديد مسارات الأمراض والمرشحين العلاجيين

مواجهة أمراض معقدة مثل الزهايمر تتطلب تحديد أهداف علاجية جديدة بدقة، يُستخدم الذكاء الاصطناعي الآن لتحليل البيانات الوراثية والتفاعلات البروتينية لاكتشاف هذه الأهداف، وقد أظهرت هذه التقنيات قدرتها على تحديد جينات ذات صلة بالمرض، بل وتم إعادة توظيف أدوية قائمة مثل أدوية السكري للمساهمة في تقليل خطر الإصابة بالزهايمر.

الذكاء الاصطناعي في إطار التنظيمات الدوائية

يحدث الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا تعلم الآلة، تحولًا كبيرًا في مجال تطوير واكتشاف الأدوية، قبل دمج الذكاء الاصطناعي، كانت الموافقة على الأدوية من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تستغرق وقتًا طويلًا وتُكلف الكثير، لكن الذكاء الاصطناعي يغير هذا الواقع تدريجيًا.

أبرز مواقف الـ FDA تجاه الذكاء الاصطناعي

هناك توجه إيجابي من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA يُشجع على تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصناعة الدوائية، ومن أبرز مواقفها:

  • الاعتراف بأهميته: أصدرت الـFDA أوراقًا توضح رؤيتها لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية.
  • زيادة في الطلبات: تجاوز عدد الطلبات المرتبطة بـAI وML المقدمة للـ FDA أكثر من 100 طلب في عام 2021.
  • إطار عمل قائم على تقييم المخاطر: تهدف الـFDA إلى تحقيق توازن بين السلامة العامة وإمكانات الابتكار، مع الحفاظ على حماية بيانات المرضى وسلامة العمليات الدوائية.

الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية

تطبيق الذكاء الاصطناعي في الشركات الدوائية

عند دمج الذكاء الاصطناعي ضمن عمليات المؤسسات الدوائية، يمكن إحداث نقلة نوعية في آليات تطوير واكتشاف الأدوية، فهذا الدمج بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات تحليل البيانات الضخمة ثبت أنه يُقلل من التكاليف ويعجل من مدة تطوير الأدوية

كيف تستفيد شركات صناعة الدواء من الذكاء الاصطناعي؟

  • خفض التكاليف: يمكن تقليل النفقات بمليارات الدولارات.
  • رفع الكفاءة: يعزز من إنتاجية فريق البحث من خلال أتمتة جمع وتحليل البيانات.
  • التقنيات المتقدمة: مثل تقنية VLS وقاعدة بيانات البروتينات تسهم في تسريع اختيار المركبات الفعالة.
  • تحليل البيانات والنمذجة التنبؤية: التنبؤ بتكوين البروتينات وتحديد الفئات العلاجية الأنسب.
  • الامتثال التنظيمي: يجب تنسيق استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع إرشادات الـFDA.

خطوات دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة الدواء

  1. دراسة دقيقة لتحديد أين يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم أكبر فائدة.
  2. وضع بروتوكول لاستخدام الذكاء الاصطناعي يتماشى مع قيم وقوانين الشركة.
  3. تدريب الموظفين على استخدام الأدوات والتقنيات المرتبطة.
  4. تهيئة واختبار النماذج للتأكد من توافقها مع أهداف الشركة.
  5. توسيع نطاق التطبيق حسب نمو الشركة ومتطلبات السوق.

فوائد تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال الدواء:

  • خفض التكاليف التشغيلية: تقارير تُشير إلى تقليل تكاليف التوظيف بنسبة تصل إلى 50%.
  • زيادة دقة المهام: وصول معدلات دقة الأداء إلى 90% في بعض المهام.
  • تطور الطب الشخصي: إمكانية تصميم الأدوية وفقًا للجينوم الفردي والتنبؤ بالمشاكل الصحية مستقبلًا.

في الختام، وفي ظل التسارع التقني والتطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي، لم تعد صناعة الأدوية قادرة على تجاهل الإمكانات الهائلة التي يقدمها هذا المجال، فالذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة داعمة، بل أصبح شريكًا استراتيجيًا في تسريع الابتكار، وتقليل التكاليف، وتعزيز فرص النجاح في اكتشاف علاجات فعالة وآمنة، ومن هنا، فإن المؤسسات التي تبادر بتبني هذه التقنيات المتقدمة، وتدمجها بذكاء ضمن استراتيجياتها، ستكون في موقع الريادة في المستقبل القريب، وستحظى بميزة تنافسية حقيقية في سوق يتطلب استجابة أسرع وقرارات أكثر دقة.

المصدر: AI in Drug Discovery: Accelerating Pharmaceutical Breakthroughs

All copyrights reserved to © HSI