المدونة

تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة | دليل لمهندسي الطب الحيوي

مايو 25, 2025

تعتبر كفاءة الطاقة تحديًا دائمًا في تصميم بنايات الرعاية الصحية حيث تستهلك المستشفيات طاقة تصل إلى خمسة أضعاف ما يستهلكه فندق فاخر، ومع الضغوط الكارثية التي تحملها قطاع الرعاية الصحية خلال عام 2020 بسبب جائحة COVID-19 التي هزت العالم وقتها يجب على مسؤولين الرعاية الصحية النظر في كل وسيلة ممكنة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية، حتى لو لم تكن على رأس الأولويات في الماضي، أصبح تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة ضرورة ملحة وليست مجرد خيار.

تلعب المستشفيات الموفرة للطاقة دوراً حيوياً ليس فقط في تقليل التكاليف التشغيلية ولكن أيضًا في حماية البيئة وتعزيز راحة المرضى والعاملين على حد سواء، في هذا المقال سنستعرض بالتفصيل كيفية تصميم المستشفيات بحيث تصبح المستشفيات الموفرة للطاقة حقيقة واقعة، مستندين إلى أحدث الدراسات والأبحاث التي تناولت موضوع كفاءة الطاقة في المباني الصحية مع تقديم دليل عملي لمهندسي الطب الحيوي لتطبيق هذه المبادئ في التصميم والتحديث.

أهمية كفاءة الطاقة في تصميم المستشفيات

تستهلك المستشفيات كميات هائلة من الطاقة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع وذلك لتشغيل أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) بالإضافة الي الإضاءة والمعدات الطبية والعديد من الأجهزة الأخرى، هذا الاستهلاك المفرط للطاقة لا يؤدي فقط إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية بل يساهم أيضًا في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يؤثر سلبًا على البيئة، وبالتالي فإن تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة يمثل ضرورة ملحة لتحقيق الاستدامة المالية والبيئية.

المستشفيات الموفرة للطاقة

دور مهندسي الطب الحيوي في عملية التصميم

يلعب مهندسو الطب الحيوي دورًا حيويًا في تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة، فهم المسؤولون عن دمج وإدارة التقنيات الطبية التي تستهلك جزءًا كبيرًا من الطاقة في المستشفى من خلال فهمهم العميق لاحتياجات الطاقة للمعدات الطبية يمكنهم:

  • اختيار المعدات الموفرة للطاقة: يمكن لمهندسي الطب الحيوي تقييم كفاءة الطاقة للمعدات الطبية المختلفة واختيار تلك التي تستهلك طاقة أقل دون المساس بالأداء أو الجودة.
  • تحسين استخدام المعدات: يمكنهم تطوير بروتوكولات وإجراءات لضمان استخدام المعدات الطبية بكفاءة مثل إطفاء الأجهزة عندما لا تكون قيد الاستخدام وجدولة الصيانة الدورية للحفاظ على الأداء الأمثل.
  • تصميم أنظمة متكاملة: يمكن لمهندسي الطب الحيوي التعاون مع المهندسين المعماريين ومهندسي الميكانيكا والكهرباء لدمج المعدات الطبية في تصميم المبنى بطريقة تقلل من استهلاك الطاقة، على سبيل المثال يمكنهم المساعدة في تصميم أنظمة تبريد وتهوية فعالة للمختبرات وغرف العمليات.
  • مراقبة وتحليل استهلاك الطاقة: يمكنهم استخدام أنظمة إدارة الطاقة لمراقبة وتحليل استهلاك الطاقة للمعدات الطبية وتحديد مجالات التحسين.

مستشفيات موفرة للطاقة

استراتيجيات تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة

يقع على عاتق مهندسي الطب الحيوي والمصممين دور محوري في إحداث تحول جذري في استهلاك الطاقة داخل المستشفيات وذلك من خلال تبني مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات المبتكرة، في مقدمة هذه الاستراتيجيات يأتي تحسين أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) والتي تعد من أكبر المستهلكين للطاقة في المرافق الصحية. يمكن تحقيق ذلك عبر استخدام أنظمة HVAC ذات كفاءة عالية وتطبيق أنظمة استرداد الحرارة التي تعمل على إعادة تدوير الطاقة المهدرة، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ التهوية حسب الطلب لضمان عدم تهوية المساحات غير المشغولة، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يشمل أيضاً تحسين تصميم مجاري الهواء واستخدام مواد عازلة عالية الجودة لتقليل الفاقد من الطاقة.

إلى جانب أنظمة التدفئة والتهوية تمثل الإضاءة عنصراً هاماً آخر يمكن تطويره لخفض استهلاك الطاقة، يتم ذلك بشكل أساسي من خلال استبدال المصابيح التقليدية بأخرى من نوع LED التي تتميز بكفاءتها العالية وعمرها الافتراضي الطويل، كما أن الاستفادة القصوى من الإضاءة الطبيعية عبر التصميم المعماري الذكي يلعب دوراً كبيراً في تقليل الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية خلال ساعات النهار، علاوة على ذلك يمكن تركيب أجهزة استشعار الحركة وأجهزة التحكم في الإضاءة لضمان إطفاء الأنوار في الأماكن غير المستخدمة مما يساهم بشكل فعال في ترشيد استهلاك الطاقة.

لا تتوقف جهود توفير الطاقة عند الأنظمة الأساسية للمبنى بل تمتد لتشمل المعدات الطبية نفسها، ينبغي الحرص على اقتناء معدات طبية ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة بالإضافة إلى وضع برامج صيانة دورية لضمان عملها بأقصى قدرة مع أقل استهلاك للطاقة، كما أن تطبيق بروتوكولات واضحة لإطفاء المعدات عند عدم الحاجة إليها يعتبر خطوة بسيطة ولكنها مؤثرة في تقليل الاستهلاك الإجمالي للطاقة.

بالنظر إلى المدى الأبعد فإن تبني مبادئ التصميم المستدام للمباني، بما في ذلك استخدام مواد بناء عازلة ونوافذ موفرة للطاقة وتصميم يراعي الإضاءة الطبيعية ودمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية وتطبيق أنظمة إدارة الطاقة الذكية لمراقبة وتحليل الاستهلاك كلها خطوات متكاملة نحو تحقيق مستشفيات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وأكثر استدامة على المدى الطويل.

خطوات عملية لتصميم المستشفيات الموفرة للطاقة

هناك بعض الخطوات الهامة التي يجب اتخاذها عند البدء في تصميم أو تجديد المستشفيات من أجل توفير الطاقة:

1- تقييم الوضع الحالي

قبل البدء بأي مشروع تجديد أو تصميم جديد يجب على المهندسين إجراء تقييم شامل للبنية التحتية الحالية للمستشفى، يشمل ذلك مراجعة أنظمة التدفئة والتبريد، العزل الحراري، الإضاءة والمعدات الكهربائية، يعتبر هذا التقييم الخطوة الأولى نحو تحديد نقاط الضعف والقوة التي يمكن تحسينها لتحقيق كفاءة أفضل.

2- تطبيق النمذجة الديناميكية للطاقة

استخدام برامج المحاكاة والنمذجة الديناميكية للطاقة يمكن أن يساعد في تصور سيناريوهات متعددة لتوفير الطاقة، من خلال دراسة تأثيرات التعديلات المختلفة يمكن للمصممين اختيار أفضل الحلول التي تحقق توفيراً في استهلاك الطاقة دون التأثير على راحة المرضى أو كفاءة التشغيل.

3- اعتماد تقنيات التعلم الآلي

يُعتبر استخدام نماذج التعلم الآلي خطوة مبتكرة لتوقع وتحليل استهلاك الطاقة، يمكن لهذه النماذج تحديد الأنماط والعوامل الأكثر تأثيراً مما يتيح تعديل الأنظمة وفقاً لظروف التشغيل المختلفة وتحقيق أداء طاقي محسن، يمثل هذا النهج مستقبل تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة حيث يمكن تحديث النماذج بانتظام مع تغير الظروف البيئية والتشغيلية.

4- تحسين العزل والنوافذ

كما أظهرت العديد الدراسات يلعب تحسين تقنيات الزجاج والنوافذ دوراً محورياً في تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة، يمكن تبني تقنيات النوافذ المزدوجة واختيار أنواع الزجاج التي تقلل من الفاقد الحراري، مما يتيح للمستشفى الاستفادة من الإضاءة الطبيعية دون التأثير السلبي على نظام التدفئة والتبريد.

5- استخدام أنظمة إضاءة وكهرباء متطورة

يُعتبر استخدام تقنيات الإضاءة الحديثة مثل أحد الوسائل الفعالة في تقليل استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى ذلك يمكن دمج أنظمة التحكم الذكية التي تقوم بتعديل مستويات الإضاءة والتكييف وفقاً لاحتياجات المبنى والأوقات المختلفة خلال اليوم.

في نهاية مقالنا نصل إلى أن تصميم المستشفيات الموفرة للطاقة يتطلب اتباع نهج شامل يجمع بين التصميم المعماري المبتكر والتكنولوجيا المتقدمة والإدارة الفعالة للطاقة، يلعب مهندسو الطب الحيوي دورًا محوريًا في هذا الجهد من خلال ضمان دمج المعدات الطبية بكفاءة في تصميم المستشفى وتحسين استخدامها، من خلال تبني استراتيجيات التصميم المستدام وتنفيذ أفضل الممارسات يمكننا إنشاء مستشفيات لا تقلل فقط من استهلاك الطاقة والتكاليف التشغيلية بل تعزز أيضًا راحة المرضى وسلامتهم وتساهم في خلق مستقبل أكثر استدامة، والآن اذا كنت تريد ان ترتقي بمستواك كمهندس طبي لتصل لمكانة عالية، كل ما عليك فعله هو التواصل معنا عبر موقع HSI والاطلاع علي خدماتنا ودوراتنا التدريبية.

جميع الحقوق محفوظة لـ © HSI